قصيدة الوداع
كنا علي وشك الغروب .. ننظر إلي بعض متسألينكنت أري فيها الحب .. الدافق و الحنان الواهي
كنت أراها رقيقة .. جميلة حانية
كانت لي كشمس .. و أنا لها كوكب
كانت لي أرض .. و أنا لها قمر
كانت تنظر إلي .. في إشفاق و حزن
و بدأت الشمس تخفق .. و قلبي يخفق معها
فقد بدت لحظة مريرة .. لحظة الوداع
فطبعت علي جبيني قبلة .. لتهون علي مأساتي
فنظرت إليها شارد .. اللب منهار الفؤاد
فأبتسمت إبتسامة .. حزينة مريرة
فقالت لي في إشفاق: .. هون عليك يا حبيبي
و لا تحزن فلن .. يظل البعاد كثيرأ
فنظرت إليها قائلا: .. واحبيبتاه! و هل سأستطيع الانتظار
ثم نظرت بعيدا لأري .. الشمس تبلعها الأرض
فقالت لي راجية: .. وداعا يا أعز الاحباب
فلن ينتظر والدي كثيرا .. و حتي لا يلمني بالعقاب
فقلت بصوت ضعيف: .. لا تقولي وداعا يا حبيبتي
بل قولي إلي اللقاء .. فنظرت لي و قد دمعت عيناها
قائلة: إلي اللقاء يا حبيبي .. إلي اللقاء يا أعز الناس
و ألقت إلي بوردة .. حمراء كلون خديها
و أنصرفت مسرعة كأنها .. لا تريد أن أري دموعها الرقيقة
فرفعت يدي مودعاً .. و أنسالت بين عيني دمعة حارة
كنت قد حبستها .. في مقلتي حتي لا تراها
و نظرت إلي أعلي .. لإري السماء قد بدلت ثوبها
فصارت سوداء قاحلة .. كقلبي الجريح المنقلب
و نبع القمر من وراء الأفق .. كزهرة في الصحراء
كان حزينا مثلي .. أو أنا تخيلت ذلك
فقال لي في وقار: .. مالي أراك واجما يا صاحبي
هل أخبرتني لإهون .. عليك مأساتك
فقلت له في حزن: .. كنت شاردا في هذا العالم
فلم أكن أكلم أحدا .. ألا بحساب شديد
حتي رأيتها رأيت .. أجمل فتاة رأها قلبي و عيني
كانت شقراء .. ذو عينان زرقاوتين
كانت تملك وجه .. ملاك و ضحكة طفل
تضحك فتسر ما حولها .. كأنها ملاك رقيق
و عندما يمدحها أحد .. تحمر وجنتيها خجلا
فقال القمر في وقار: .. و ماذا حدث بعد ذلك؟
فقلت في هدوء: .. فتعارفت عليها و صادقتها
و بدأ قلبي الصغير .. يغزو قلبها الكبير
و بدأ الحب ينسج .. خيوطه الناعمة حولنا
كانت تنظر إلي .. في حنان طفولي
فعندما تضحك .. أحس بالراحة و الهدوء
و عندما تبكي .. أشعر بغصة في حلقي
كانت زهرة جميلة .. في صحراء قاحلة جرداء
كانت شمسا جميلة .. في وسط سرب من النجوم
كانت هي حبيبتي .. و رفيقتي و شقيقتي و امي
كنا نفكر بعقل واحد .. و نتكلم بلسان واحد
و نحب بقلب واحد .. كنا كنفس واحدة في جسدين
الحب يجمعنا في .. في قفص واحد جميل
كعصافير جميلة .. تغني في سعادة
لكن السعادة لم تدم .. و القفص لم يدوم
فقد كان أباها .. لنا كبالمرصاد
فعندما طلبت زواجها .. رفض كالشيطان
و أصر أن يبعدني عنها .. فتارة يطردني و تارة يضربني
حتي أراد السفر .. فأراد أن تأتي معه
فرفضت لكنه كالمسعور .. أصر علي ذلك
و جائت ها هنا .. لتودعيني أو لتعزيني
و تركت لي هذه الوردة .. الحمراء لتظل معي
رمزا للقاء القادم .. إذا أراد الخالق
أيمن الشاعر
1996
0 التعليقات: