لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ: ثبوت شهر رمضان

 لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ: ثبوت شهر رمضان

يثبت شهر رمضان بأحد أمرين:

(1) رؤية هلاله إذا كانت السماء خالية مما يمنع الرؤية من غيم أو دخان أو غبار أو نحوها

(2) إكمال شعبان ثلاثين يوماً إذا لم تكن السماء خالية مما ذكر لقوله صلى الله عليه وسلم: "صوموا لريته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين"؛ رواه البخاري عن أبي هريرة.

وبهذا أخذ ثلاثة من الأئمة وخالف الحنابلة حال الغيم عملاً بلفظ آخر ورد في حديث آخر، وهو صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم، فاقدروا له. 

فقالوا: إن معنى "فاقدروا له" احتاطوا له بالصوم؛ وقد احتج الحنابلة لذلك بعمل ابن عمر راوي الحديث. 

الحنابلة قالوا: إذا غم الهلال في غروب اليوم التاسع والعشرين من شعبان، فلا يجب إكمال شعبان ثلاثين يوماً. ووجب عليه تبيين النية وصوم اليوم التالي لتلك الليلة، سواء كان في الواقع من شعبان أو رمضان، وينويه عن رمضان، فإن ظهر في أثنائه أنه من شعبان لم يجب إتمامه.

كيفية إثبات الهلال: 

  • الحنفية قالوا: إذا كانت السماء خالية من موانع الرؤية، فلا بد من رؤية جماعة كثيرين يقع بخبرهم العلم، لا يلزم فيها عدد معين على الراجح
  • واشترط في الشهود في هذه الحالة أن يذكروا في شهادتهم لفظ: "أشهد"
  • وأخبر واحد أنه رآه اكتفى بشهادته إن كان مسلماً عدلاً عاقلاً بالغاً، ولا يشترط أن يقول: أشهد
  • ولا فرق في الشاهد بين أن يكون ذكراً أو أنثى، حراً أو عبداً، ويجب على من رأى الهلال ممن تصح شهادته أن يشهد بذلك في ليلته عند القاضي إذا كان في المصر، فإن كان في قرية فعليه أن يشهد بين الناس بذلك في المسجد؛ ويجب على من رأى الهلال، وعلى من صدقه الصيام، ولو ورد القاضي شهادته، إلا أنهما لو أفطرا في حالة رد الشهادة فعليهما القضاء دون الكفارة.
  • الشافعية قالوا: يثبت رمضان برؤية عدل سواء كانت السماء صحواً أو بها ما يجعل الرؤية متعسرة؛ ويشترط في الشاهد أن يكون مسلماً عاقلاً بالغاً حراً ذكراً عدلاً، وأن يأتي في شهادته بلفظ: أشهد، كأن يقول أمام القاضي: أشهد أنني رأيت الهلال، ولا يجب الصوم على عموم الناس إلا إذا سمعها القاضي، ولو لم يشهد عند القاضي، أو شهد ولم تسمع شهادته، وكذا يجب على كل من صدقه أن يصوم متى بلغته شهادته.
  • المالكية قالوا: يثبت هلال رمضان بالرؤية؛ وهي على ثلاثة أقسام:

(1) أن يراه عدلان والعدل هو الذكر الحر البالغ العاقل الخالي من ارتكاب كبيرة، أو إصرار على صغيرة، أو فعل ما يخل بالمروءة

(2) أن يراه جماعة كثيرة يفيد خبرهم العلم، ويؤمن تواطؤهم على الكذب، ولا يجب أن يكونوا كلهم ذكوراً أحراراً عدولاً

(3) أن يراه واحد، ولكن لا تثبت الرؤية بالواحد إلا في حَق نفسه أو في حَق من أخبره إذا كان من أخبره لا يعتني بأمر الهلال؛ أما من له اعتناء بأمره، فلا يثبت في حقه الشهر برؤية الواحد، وإن وجب عليه الصوم برؤية نفسه، ولا يشترط في الواحد الذكورة، ولا الحرية، فمتى كان غير مشهور بالكذب وجب على من لا اعتناء لهم بأمر الهلال أن يصوموا بمجرد إخباره، ولو كان امرأة أو عبداً، متى وثقت النفس بخبره واطمأنت له.

  • الحنابلة قالوا: لا بد من رؤية هلال رمضان من إخبار مكلف عدل ظاهراً وباطناً، فلا تثبت برؤية صبي مميز، ولا بمستور الحال ولا فرق في العدل بين كونه ذكراً أو أنثى. حراً أو عبداً، ولا يشترط أن يكون الإخبار بلفظ: أشهد، فيجب الصوم على من سمع عدلاً يخبر برؤية هلال رمضان، ولو رد الحاكم خبره، لعدم عمله بحاله، ولا يجب على من رأى الهلال أن يذهب إلى القاضي، ولا إلى المسجد، كما لا يجب عليه إخبار الناس

حكم التماس الهلال:

يفترض على المسلمين فرض كفاية أن يلتمسوا الهلال في غروب اليوم التاسع والعشرين من شعبان ورمضان حتى يتبينوا أمر صومهم وإفطارهم

ولم يخالف في هذا سوى الحنابلة فقالوا: إن التماس الهلال مندوب لا واجب.

هل يشترط حكم الحاكم في الصوم؟

لا يشترط في ثبوت الهلال ووجوب الصوم بمقتضاه على الناس حكم الحاكم. 

ولكن لو حكم بثبوت الهلال بناء على أي طريق في مذهبه وجب الصوم على عموم المسلمين. ولو خالف مذهب البعض منهم. لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف، وهذا متفق عليه، إلا عند الشافعية 

الشافعية قالوا: يشترط في تحقيق الهلال ووجوب الصوم بمقتضاه على الناس أن يحكم به الحاكم، فمتى حكم به وجب الصوم على الناس، ولو وقع حكمه عن شهادة واحد عدل.

المصادر 

الفقه علي المذاهب الأربعة عبد الرحمن الجزيري

0 التعليقات:

لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ : الصيام في الفقه الإسلامي



لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ : الصيام في الفقه الإسلامي 

تعريف الصيام:


في اللغة: مطلق الإمساك عن الشيء، مثل الكلام أو الطعام فلم يتكلم ولم يأكل، ومن ذلك قوله تعالى: {إني نذرت للرحمن صوماً} أي صمتاً وإمساكاً عن الكلام.

في اصطلاح الشرع: فهو الإمساك عن المفطرات يوماً كاملاً، من طلوع الفجر الصادق، إلى غروب الشمس.

وهذا التعريف متفق عليه بين الحنفية؛ والحنابلة.

أما المالكية والشافعية فإنهم يزيدون في آخره كلمة "بنيّة".

وذلك لأن النية ليست بركن من أركان الصيام عند الحنفية، والحنابلة و أنما شرط لازم لابد منه. 

الخلاف في كون النية شرطاً أو ركناً فلسفة فقهية يحتاج إلى معرفتها طلبة العلم.

****************

أقسام الصيام:

اتفق المالكية، والشافعية، والحنابلة على أن الصيام ينقسم إلى أربعة أقسام: 

(1) الصيام المفروض: صيام شهر رمضان أداءً وقضاءً، وصيام الكفارات، والصيام المنذور

(2) الصيام المسنون: عاشوراء

(3) الصيام المحرم: صيام يوم العيد، وصيام المرأة بغير إذن زوجها

(4) الصيام المكروه: صوم يوم الجمعة وحده والنيروز، والمهرجان، وصوم يوم أو يومين قبل رمضان.

أما الحنفية فقالوا في كنز الدقائق: «وأقسامه فرض وواجب ومسنون ومندوب ونفل ومكروه تنزيها وتحريما.»

(1)الفرض المعين: كصوم رمضان أداءً في وقته.

(2)المفروض غير المعين: صوم رمضان قضاءً في غير وقته؛ فمن فاته صيام شهر رمضان أو بعضه، فإنه لا يلزمه أن يقضيه في وقت خاص، و صوم الكفارات

(3)الواجب المعين: كالنذر المعين في وقت محدد.

(4)الواجب غير المعين: كالنذر المطلق في أي وقت.

(5)النفل: بمعنى: الزيادة المشروعة على الفرض على وجه مخصوص.

(6)المسنون: عاشوراء مع التاسع.

(7)الصيام المستحب: كل صوم رغب فيه الشارع ﷺ.

(8)المكروه تنزيها: عاشوراء مفردا عن التاسع.

المكروه تحريما: أيام التشريق والعيدين، واستثنى في عمدة الفتاوى من كراهة صوم يوم النيروز أن يصوم يوما قبله فلا يكره كما في يوم الشك.

أما الرأي الثاني في الحنفية فإنها تنقسم إلى سبعة أقسام:

(1) الفرض المعين: هو ماله وقت خاص كصوم رمضان أداء، والنذر المعين، 

(2)الفرض غير المعين: هو ما ليس له وقت خاص؛ كصوم رمضان قضاءً، والنذر غير المعين.

(3)الواجب: هو صوم التطوع بعد الشروع فيه، فمن أراد أن يتطوع بصوم يوم الخميس مثلاً. ثم شرع فيه فإنه يجب عليه أن يتمه، بحيث لو أفطر يأثم إثماً صغيراً، وكذلك يجب عليه قضاؤه إذا أفطره ومثله صوم الاعتكاف غير المنذور، فإنه واجب كذلك، 

(4) الصيام المحرم.

(5) الصيام المسنون.

(6)صيام النفل.

(7)الصيام المكروه.

 و للحديث بقية أن شاء الله 

المصادر: 

الفقه علي المذاهب الأربعة -عبد الرحمن الجزيري


0 التعليقات: