زمن الفتن ( الأخوة الأعداء)




من منا لا يحب أخاه أو أخوته ؟....
بالتأكيد أغلبنا يحب أخوته, قد نختلف , قد نتعارك ..قد تشغلنا الحياة و مشاغلها لكن تبقي المحبة موجوده أو حتي مدفونة تنتظر لحظة معينة لكي تظهر في العلن..
و ربما للأسف تكون هذه اللحظة بعد فوات الأوان
فما بالك اذا كان أخ واحد لك فقط؟...
بالتاكيد المحبة تزداد و العلاقة تصبح أكثر ارتباطا...
كل هذا جميل و رائع ..و مع ذلك كانت أول فتنة نشبت بين أخين ..أدت الي مقتل أحدهما علي يد الاخر
فتنة أدت الي أول جريمة قتل في تاريخ البشرية!!...

قصة قابيل و هابيل

من هما؟

قابيل وهابيل هما شخصيتان ذكرتا في العهد القديم، وهما أول ابنين لآدم عليه السلام وحواء. كان قابيل عاملاً بالأرض أما هابيل فكان راعياً للغنم 

الرواية القرآنية:

ذكرهما الله في القران دون ذكر اسميهما صراحة بل اكتفى بوصفهما ابني آدم فقال تعالى:Ra bracket.png وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ Aya-27.png لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ Aya-28.png إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ Aya-29.png فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ Aya-30.png فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ Aya-31.png La bracket.png سورة المائدة الايات 27-31 
يقول تعالي مبينا و خيم عاقبة البغي و الحسد و الظلم في قصة قابيل و هابيل و كيف عدا قابيل علي أخوه هابيل فقتله بغيا عليه و حسدا له فيما وهبه الله من النعمة و تقبل القربان الذي أخلص فيه لله عزوجل ففاز المقتول بوضع الآثام و الدخول الي الجنة و خاب القاتل و رجع بالصفقة الخاسرة في الدارين

الرواية التوراتية:

القصة في العهد القديم من الكتاب المقدس لم تختلف بل تكاد تكون مطابقة  ففي الاصحاح الرابع من سفر التكوين 
( 1 وعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين. وقالت: اقتنيت رجلا من عند الرب2  ثم عادت فولدت أخاه هابيل. وكان هابيل راعيا للغنم، وكان قايين عاملا في الأرض3  وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قربانا للرب4 وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه 5 ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر. فاغتاظ قايين جدا وسقط وجهه
6 فقال الرب لقايين: لماذا اغتظت ؟ ولماذا سقط وجهك7 إن أحسنت أفلا رفع ؟ وإن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة، وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها8  وكلم قايين هابيل أخاه. وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله)

كيف قتل قابيل أخاه هابيل؟

في رواية أبو جعفر الباقر حينما قال قابيل لأخيه: تقبل منك و لم يتقبل مني ,فقال هابيل: أنما يتقبل الله من المتقين. فغضب قابيل عندها و ضربه بحديدة كانت معه فقتله.
و قيل: إنه أنما قتله بصخرة رماها علي رأسه و هو نائم فشدخته أي كسرت رأسه.
و قيل: بل خنقه خنقا شديدا و عضه كما تفعل السباع فمات و الله أعلم
لكن أي كانت وسيلة القتل..فتعددت السبل و القتل واحد !!..

ماذا كان عقاب الله لقابيل؟

في الاصحاح الرابع من سفر التكوين : ( 9 فقال الرب لقايين: أين هابيل أخوك ؟ فقال: لا أعلم أحارس أنا لأخي10  فقال: ماذا فعلت ؟ صوت دم أخيك صارخ إلي من الأرض11 فالآن ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك12  متى عملت الأرض لا تعود تعطيك قوتها. تائها وهاربا تكون في الأرض 13  فقال قايين للرب: ذنبي أعظم من أن يحتمل 14 إنك قد طردتني اليوم عن وجه الأرض، ومن وجهك أختفي وأكون تائها وهاربا في الأرض، فيكون كل من وجدني يقتلني 15 فقال له الرب: لذلك كل من قتل قايين فسبعة أضعاف ينتقم منه. وجعل الرب لقايين علامة لكي لا يقتله كل من وجده)
يري القديس باسيليوس الكبير  قابيل أخطأ، واستحق أيضًا سبعة تأديبات، أم خطاياه السبع فهي: [حسده لأخيه هابيل، كذبه على الله، خداعه لهابيل إذ استدرجه إلى الحقل، ما هو أبشع من قتل أخاه، قدم قدوة سيئة للبشرية في بدء تاريخها، أخطأ في حق والديه بقتل إبنهما]. أما التأديبات السبعة فهي: [بسببه لُعنت الأرض، صارت الأرض عدوة له يعيش عليها كمن مع عدوه، لا تعطيه الأرض قوتها، يعيش في تنهد، يصير في رعب، يُطرد تائهًا، يتغرب عن وجه الرب].

 فهل كان هابيل ضعيف مثلا جسديا و بالتالي كان يخشي قتال أخيه؟

الاجابة لا فقد لروي عن ابن جرير في اسناد حسن عن ابن عباس في رواية و عن عبد الله بن عمرو في رواية اخري قال : و أيم الله إن كان المقتول لأشد الرجلين , و لكن منعه التحرج أن يبسط اليه يده!.
فلم يكن خوفا من أخوه الأكبر بل كان خوف من الله تعالي و خشية منه , و تورع أن يقابل اخاه بالسوء الذي أراد منه أخوه مثله
اذا القصة كانت أن قابيل (أو قايين) قتل أخوه الأصغر هابيل حسدا و حقدا , ربما اعتقادا منه أنه الأفضل و أنه قربانه هو الاجدر علي الرغم من أنه قدم قربنا قيل في بعض الروايات حزمة من زرع رديء بينما قدم هابيل كبش سمين!!...

هل كان صراع علي امرأة؟ 

أما بالنسبة للرواية الشهيرة أن سبب قتل قابيل لاخيه هابيل صراع علي أخت قابيل , حيث تقول الرواية أن آدم كان يزوج ذكر كل بطن بأنثي البطن الاخري و أن هابيل أراد أن يتزوج بأخت قابيل التي كانت أحسن من أخت هابيل , فأراد قابيل أن يستأثر بها علي أخيه , و أمره آدم أن يزوجه إياها فأبي قابيل , فأمرهما أن يقربا قربانا , فقرب هابيل جذعة سمينة (كبش) و كان صاحب غنم و قرب قابيل حزمة من زرع من رديء زرعه و فنزلت النار فأكلت قربان هابيل و تركت قربان قابيل , فغضب قابيل و قال لأقتلنك حتي لا تنكح أختي و قتله بالفعل !!..   
هذه الروايه رواها ابن جرير من طريق السدي و السدي ضعيف ..لذا فهي رواية ضعيفة و مع ذلك هي الشائعة في مجتمعاتنا!!..

ما مصير قابيل و نسله؟

طبقا للرواية التوراتية سكن قابيل في أرض نود في شرقي عدن،  وأنه ولد له حنوك ، ولحنوك عيراد، ولعيراد محويائيل، ولمحوايل متوشائيل، ولمتوشائيل لامك، وتزوج لامك امرأتين عادة وصلة، فولدت عدة ولدين يابال و يوبال 
يابال،  الذي كان أبا لساكني الخيام ورعاة المواشي
و يوبال، الذي كان أبا لكل ضارب بالعود والمزمار 
وولدت وصلة ، ولدًا اسمه توبال قايين، وهو أول من صنع النحاس والحديد، وبنتًا اسمها نعمة.

الخلاصة:

المؤكد أن قابيل كان يحقد و هو علي باطل ..و لم يخلص لله و هو يقدم قربانه بينما كان هابيل مخلصا لله و كان تقيا في عمله
نعم هناك كثيرون في حياتنا المعاصرة لا يقدمون الأفضل و بدل ما يبحثوا عن التميز , يسعون الي ازاحة من يتفوقون عليهم سواء كان قتل مادي كما فعل قابيل أو قتل معنوي كما يفعل الكثيرون هذه الايام
الأسوء أن تزيح أخاك و تسعي أن تقهره اعتقادا منك أن بهذا سيظهر تميزك 
لكن في الحقيقة أن تقتل الابداع و التميز فيك أولا ,,لانك لا تسعي لتطوير ذاتك من خلال التميز و الابداع !!...
إذا علينا أن نهتم أكثر بذواتنا بقدراتنا بأمكانياتنا بغض النظر عما يقدمه الاخرون 
قارن نفسك بنفسك و لا تقارن نفسك بأي شخص حتي و لو كان أخاك أو أختك , فذلك ظلم كبير لك و لهم , و سيكون تمهيدا أما لأحباطات و فشل أو حقد و غل و كراهية و من ثم نصبح أخوة و لكن أعداء 
و هذا بالتاكيد ما لا نتمناه 

 و ختاما قيل في رثاء هابيل:

تغيرت البلاد و من عليها           فوجه الارض مغبر قبيح
تغير كل ذي لون و طعم           و قل بشاشة الوجه المليح 
أبا هابيل قد قتلا جميعا             و صار الحي كالميت الذبيح 
و جاء بشر قد كان منها             علي خوف فجاء بها يصيح 
المصادر
1-القرآن الكريم  سورة المائدة
2-التوارة سفر التكوين الاصحاح الرابع
3-تفسير القران الكريم لابن كثير 
4- قصص الانبياء لابن كثير   

0 التعليقات: