زمن الفتن ( الفتنة الاولي ج 3)

عودة المصريون مرة اخري للثورة

إن أهل مصر كانوا قد سألوا من عثمان أن يعزل عنهم ابن أبي سرح، ويولي محمد بن أبي بكر‏.‏
فأجابهم إلى ذلك، فلما رجع المصريون و معهم محمد ابو بكر بعهد الولاية و عدد من المهاجرين و الانصار 
فلما كان علي مسيرة 3 ايام من المدينة إذا هم بغلام أسود علي بعير مسرعا , فقال له الصحابة: ما قصتك و ما شأنك؟ كأنك هارب أو طالب فقال لهم: أنا غلام أمير المؤمنين وجهني إلي عامل مصر, فقال له رجل: هذا عامل مصر يقصد محمد بن أبي بكر , قال الغلام: ليس هذا ما أريد فوجدوا معه بريد و فيه كتاب بقتل محمد بن أبي بكر وآخرين معه، فرجعوا وقد حنقوا عليه حنقاً شديداً، وطافوا بالكتاب على الناس، فدخل ذلك في أذهان كثير من الناس‏.‏
فكلم الناس أمير المؤمنين في ذلك، فقال‏:‏ بينة علي بذلك، وإلا فوالله لا كتبت، ولا أمليت، ولا دريت بشيء من ذلك، والخاتم قد يزور على الخاتم، فصدقه الصادقون في ذلك، وكذبه الكاذبون
و قيل انهم تأكدوا أن الخط الذي كتب به الكتاب كان خط مروان بن الحكم!!
فقال البعض: لن يبرأ عثمان من قلوبنا إلا أن يدفع إلينا مروان حتي نبحثه و نبحث حال الكتاب و كيف أمر بقتل رجل من أصحاب محمد عليه الصلاة و السلام بغير حق؟
فإن يكن عثمان كتبه عزلناه , و إن يكن مروان كتبه علي لسان عثمان نظرنا ما يكون منا في أمر مروان
أبي عثمان أن يخرج إليهم مروان و خشي عليه القتل 

اصابة عثمان بن عفان 

‏ بينما كان يخطب عثمان على عصا النبي صلى الله عليه وسلم التي يخطب عليها وأبو بكر وعمر، فقال له شخص اسمه‏ جهجاه: قم يا نعثل (الشيخ الأحمق ) فانزل عن هذا المنبر، وأخذ العصا فكسرها على ركبته اليمنى فدخلت شظية منها فيها فبقى الجرح حتى أصابته الأكلة، حتي تدود الجرح، فنزل عثمان وحملوه، وأمر بالعصا فشدوها، فما خرج بعد ذلك اليوم إلا خرجة أو خرجتين حتى حصر فقتل‏.‏ 

حصار عثمان بن عفان 

بعد رفض تسليم مروان ,أحاط الثوار ببيت عثمان بن عفان محاصرين له، ولزم كثير من الصحابة بيوتهم‏.‏
وسار إليه جماعة من أبناء الصحابة عن أمر آبائهم، منهم‏:‏ الحسن والحسين، وعبد الله بن الزبير - وكان أمير الدار - وعبد الله بن عمرو، وصاروا يحاجون عنه، ويناضلون دونه أن يصل إليه أحد منهم، وأسلمه بعض الناس رجاء أن يجيب أولئك إلى واحدة مما سألوا، فإنهم كانوا قد طلبوا منه إما أن يعزل نفسه، أو يسلم إليهم مروان بن الحكم، ولم يقع في خلد أحد أن القتل كان في نفس الخارجين‏.
وانقطع عثمان عن المسجد فكان لا يخرج إلا قليلاً في أوائل الأمر، ثم انقطع بالكلية في آخره، وكان يصلي بالناس في هذه الأيام الغافقي بن حرب‏.‏
وقد استمر الحصر أكثر من شهر، وقيل‏:‏ أربعين يوماً حتى كان آخر ذلك أن قتل شهيداً رضي الله عنه

عثمان بن عفان‏ يطالب برحيل مؤيديه

كان الحصار مستمراً من أواخر ذي القعدة إلى يوم الجمعة الثامن عشر من ذي الحجة‏.‏
فلما كان قبل ذلك بيوم، قال عثمان للذين عنده في الدار من المهاجرين والأنصار - وكانوا قريباً من سبعمائة - فيهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، والحسن، والحسين، ومروان، وأبو هريرة، وخلق من مواليه، ولو تركهم لمنعوه فقال لهم‏:‏ أقسم على من لي عليه حق أن يكف يده وأن ينطلق إلى منزله، وعنده من أعيان الصحابة وأبنائهم جم غفير‏.‏
وقال لرقيقه‏:‏ من أغمد سيفه فهو حر، فبرد القتال من داخل وحمي من خارج واشتد الأمر، وكان سبب ذلك أن عثمان رأى في المنام رؤيا دلت على اقتراب أجله فاستسلم لأمر الله رجاء موعوده، وشوقاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليكون خيراً بني آدم حيث قال حين أراد أخوه قتله‏:‏ ‏{‏إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ‏}‏‏.‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 29‏]‏‏.‏
وروي أن آخر من خرج من عند عثمان من الدار، بعد أن عزم عليهم في الخروج‏:‏ الحسن بن علي، وقد خرج، وكان أمير الحرب على أهل الدار عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم‏.‏

مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان 

قال خليفة بن خياط‏:‏ حدثنا ابن علية، ثنا ابن عوف، عن الحسن قال‏:‏ أنبأني رباب، قال‏:‏ بعثني عثمان فدعوت له الأشتر فقال‏:‏ ما يريد الناس‏؟‏
قال‏:‏ ثلاث ليس من إحداهن بد‏.‏
قال‏:‏ ما هن ‏؟‏‏.‏
قال‏:‏ يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم فتقول‏:‏ هذا أمركم فاختاروا من شئتم، وبين أن تقتص من نفسك، فأن أبيت فإن القوم قاتلوك‏.‏
فقال‏:‏ أما أن أخلع لهم أمرهم فما كنت لأخلع سربالاً سربلنيه الله، وأما أن اقتص لهم من نفسي، فوالله لئن قتلتموني لا تحابون بعدي، ولا تصلون بعدي جميعاً، ولا تقاتلون بعدي جميعاً عدواً أبداً‏.‏
قال سيف بن عمر التميمي رحمه الله‏:‏ عن العيص بن القاسم، عن رجل، عن خنساء مولاة أسامة بن زيد - وكانت تكون مع نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان -‏:‏ أنها كانت في الدار، ودخل محمد بن أبي بكر وأخذ بلحيته وأهوى بمشاقص معه فيجأ بها في حلقه‏.‏
فقال‏:‏ مهلاً يا ابن أخي، فوالله لقد أخذت مأخذاً ما كان أبوك ليأخذ به، فتركه وانصرف مستحيياً نادماً، فاستقبله القوم على باب الصفة فردهم طويلاً حتى غلبوه فدخلوا، وخرج محمد راجعاً‏.‏
فأتاه رجل بيده جريدة يقدمهم حتى قام على عثمان فضرب بها رأسه فشجه، فقطر دمه على المصحف حتى لطخه، ثم تعاوروا عليه، فأتاه رجل فضربه على الثدي بالسيف‏.‏
ووثبت نائلة بنت الفرافصة الكلبية فصاحت وألقت نفسها عليه وقالت‏:‏ يا بنت شيبة، أيقتل أمير المؤمنين ‏؟‏
وأخذت السيف فقطع الرجل يدها، وانتهبوا متاع الدار‏.‏
ومر رجل على عثمان ورأسه مع المصحف فضرب رأسه برجله، ونحاه عن المصحف، وقال‏:‏ ما رأيت كاليوم وجه كافر أحسن، ولا مضجع كافر أكرم‏.‏
قال‏:‏ والله ما تركوا في داره شيئاً حتى الأقداح إلا ذهبوا به‏.‏
وروى الحافظ ابن عساكر‏:‏ أن عثمان لما عزم على أهل الدار في الانصراف ولم يبق عنده سوى أهله، تسوروا عليه الدار، وأحرقوا الباب، ودخلوا عليه، وليس فيهم أحد من الصحابة ولا أبنائهم، إلا محمد بن أبي بكر، وسبقه بعضهم فضربوه حتى غشي عليه، وصاح النسوة‏:‏ فانزعروا، وخرجوا‏.‏
ودخل محمد بن أبي بكر وهو يظن أنه قد قتل، فلما رآه قد أفاق قال‏:‏ على أي دين أنت يا نعثل ‏؟‏‏.‏
قال‏:‏ على دين الإسلام، ولست بنعثل ولكني أمير المؤمنين‏.‏
فقال‏:‏ غيرت كتاب الله ‏؟‏‏.‏
فقال‏:‏ كتاب الله بيني وبينكم، فتقدم إليه وأخذ بلحيته وقال‏:‏ إنا لا يقبل منا يوم القيامة أن نقول‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا‏}‏‏[‏الأحزاب‏:‏ 67‏]‏، وشطحه بيده من البيت إلى باب الدار، وهو يقول‏:‏ يا ابن أخي، ما كان أبوك ليأخذ بلحيتي‏.‏
وجاء رجل من كندة من أهل مصر يلقب‏:‏ حماراً، ويكنى‏:‏ بأبي رومان‏.‏
وقال قتادة‏:‏ اسمه رومان‏.‏
وقال غيره‏:‏ كان أزرق أشقر‏.‏
وقيل‏:‏ كان اسمه سودان بن رومان المرادي‏.‏
وعن ابن عمر قال‏:‏ كان اسم الذي قتل عثمان أسود بن حمران ضربه بحربة وبيده السيف صلتاً‏.‏
قال‏:‏ ثم جاء فضربه به في صدره حتى أقعصه، ثم وضع ذباب السيف في بطنه، واتكى عليه وتحامل حتى قتله، وقامت نائلة دونه فقطع السيف أصابعها رضي الله عنها‏.‏
ويروى‏:‏ أن محمد بن أبي بكر طعنه بمشاقص في أذنه حتى دخلت حلقه‏.‏
والصحيح‏:‏ أن الذي فعل ذلك غيره، وأنه استحى ورجع حين قال له عثمان‏:‏ لقد أخذت بلحية كان أبوك يكرمها، فتذمم من ذلك وغطى وجهه ورجع وحاجز دونه فلم يفد، وكان أمر الله قدراً مقدوراً، وكان ذلك في الكتاب مسطوراً‏.‏
وروى ابن عساكر، عن ابن عون‏:‏ أن كنانة بن بشر ضرب جبينه ومقدم رأسه بعمود حديد، فخر لجنبيه، وضربه سودان بن حمران المرادي بعد ما خر لجنبه فقتله، وأما عمرو بن الحمق فوثب على عثمان فجلس على صدره، وبه رمق، فطعنه تسع طعنات، وقال‏:‏ أما ثلاث منهن فلله، وست لما كان في صدري عليه‏.‏ 
و للحديث بقية

0 التعليقات: