زمن الفتن ( الفتنة الاولي ج 3)

عودة المصريون مرة اخري للثورة

إن أهل مصر كانوا قد سألوا من عثمان أن يعزل عنهم ابن أبي سرح، ويولي محمد بن أبي بكر‏.‏
فأجابهم إلى ذلك، فلما رجع المصريون و معهم محمد ابو بكر بعهد الولاية و عدد من المهاجرين و الانصار 
فلما كان علي مسيرة 3 ايام من المدينة إذا هم بغلام أسود علي بعير مسرعا , فقال له الصحابة: ما قصتك و ما شأنك؟ كأنك هارب أو طالب فقال لهم: أنا غلام أمير المؤمنين وجهني إلي عامل مصر, فقال له رجل: هذا عامل مصر يقصد محمد بن أبي بكر , قال الغلام: ليس هذا ما أريد فوجدوا معه بريد و فيه كتاب بقتل محمد بن أبي بكر وآخرين معه، فرجعوا وقد حنقوا عليه حنقاً شديداً، وطافوا بالكتاب على الناس، فدخل ذلك في أذهان كثير من الناس‏.‏
فكلم الناس أمير المؤمنين في ذلك، فقال‏:‏ بينة علي بذلك، وإلا فوالله لا كتبت، ولا أمليت، ولا دريت بشيء من ذلك، والخاتم قد يزور على الخاتم، فصدقه الصادقون في ذلك، وكذبه الكاذبون
و قيل انهم تأكدوا أن الخط الذي كتب به الكتاب كان خط مروان بن الحكم!!
فقال البعض: لن يبرأ عثمان من قلوبنا إلا أن يدفع إلينا مروان حتي نبحثه و نبحث حال الكتاب و كيف أمر بقتل رجل من أصحاب محمد عليه الصلاة و السلام بغير حق؟
فإن يكن عثمان كتبه عزلناه , و إن يكن مروان كتبه علي لسان عثمان نظرنا ما يكون منا في أمر مروان
أبي عثمان أن يخرج إليهم مروان و خشي عليه القتل 

اصابة عثمان بن عفان 

‏ بينما كان يخطب عثمان على عصا النبي صلى الله عليه وسلم التي يخطب عليها وأبو بكر وعمر، فقال له شخص اسمه‏ جهجاه: قم يا نعثل (الشيخ الأحمق ) فانزل عن هذا المنبر، وأخذ العصا فكسرها على ركبته اليمنى فدخلت شظية منها فيها فبقى الجرح حتى أصابته الأكلة، حتي تدود الجرح، فنزل عثمان وحملوه، وأمر بالعصا فشدوها، فما خرج بعد ذلك اليوم إلا خرجة أو خرجتين حتى حصر فقتل‏.‏ 

حصار عثمان بن عفان 

بعد رفض تسليم مروان ,أحاط الثوار ببيت عثمان بن عفان محاصرين له، ولزم كثير من الصحابة بيوتهم‏.‏
وسار إليه جماعة من أبناء الصحابة عن أمر آبائهم، منهم‏:‏ الحسن والحسين، وعبد الله بن الزبير - وكان أمير الدار - وعبد الله بن عمرو، وصاروا يحاجون عنه، ويناضلون دونه أن يصل إليه أحد منهم، وأسلمه بعض الناس رجاء أن يجيب أولئك إلى واحدة مما سألوا، فإنهم كانوا قد طلبوا منه إما أن يعزل نفسه، أو يسلم إليهم مروان بن الحكم، ولم يقع في خلد أحد أن القتل كان في نفس الخارجين‏.
وانقطع عثمان عن المسجد فكان لا يخرج إلا قليلاً في أوائل الأمر، ثم انقطع بالكلية في آخره، وكان يصلي بالناس في هذه الأيام الغافقي بن حرب‏.‏
وقد استمر الحصر أكثر من شهر، وقيل‏:‏ أربعين يوماً حتى كان آخر ذلك أن قتل شهيداً رضي الله عنه

عثمان بن عفان‏ يطالب برحيل مؤيديه

كان الحصار مستمراً من أواخر ذي القعدة إلى يوم الجمعة الثامن عشر من ذي الحجة‏.‏
فلما كان قبل ذلك بيوم، قال عثمان للذين عنده في الدار من المهاجرين والأنصار - وكانوا قريباً من سبعمائة - فيهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، والحسن، والحسين، ومروان، وأبو هريرة، وخلق من مواليه، ولو تركهم لمنعوه فقال لهم‏:‏ أقسم على من لي عليه حق أن يكف يده وأن ينطلق إلى منزله، وعنده من أعيان الصحابة وأبنائهم جم غفير‏.‏
وقال لرقيقه‏:‏ من أغمد سيفه فهو حر، فبرد القتال من داخل وحمي من خارج واشتد الأمر، وكان سبب ذلك أن عثمان رأى في المنام رؤيا دلت على اقتراب أجله فاستسلم لأمر الله رجاء موعوده، وشوقاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليكون خيراً بني آدم حيث قال حين أراد أخوه قتله‏:‏ ‏{‏إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ‏}‏‏.‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 29‏]‏‏.‏
وروي أن آخر من خرج من عند عثمان من الدار، بعد أن عزم عليهم في الخروج‏:‏ الحسن بن علي، وقد خرج، وكان أمير الحرب على أهل الدار عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم‏.‏

مقتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان 

قال خليفة بن خياط‏:‏ حدثنا ابن علية، ثنا ابن عوف، عن الحسن قال‏:‏ أنبأني رباب، قال‏:‏ بعثني عثمان فدعوت له الأشتر فقال‏:‏ ما يريد الناس‏؟‏
قال‏:‏ ثلاث ليس من إحداهن بد‏.‏
قال‏:‏ ما هن ‏؟‏‏.‏
قال‏:‏ يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم فتقول‏:‏ هذا أمركم فاختاروا من شئتم، وبين أن تقتص من نفسك، فأن أبيت فإن القوم قاتلوك‏.‏
فقال‏:‏ أما أن أخلع لهم أمرهم فما كنت لأخلع سربالاً سربلنيه الله، وأما أن اقتص لهم من نفسي، فوالله لئن قتلتموني لا تحابون بعدي، ولا تصلون بعدي جميعاً، ولا تقاتلون بعدي جميعاً عدواً أبداً‏.‏
قال سيف بن عمر التميمي رحمه الله‏:‏ عن العيص بن القاسم، عن رجل، عن خنساء مولاة أسامة بن زيد - وكانت تكون مع نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان -‏:‏ أنها كانت في الدار، ودخل محمد بن أبي بكر وأخذ بلحيته وأهوى بمشاقص معه فيجأ بها في حلقه‏.‏
فقال‏:‏ مهلاً يا ابن أخي، فوالله لقد أخذت مأخذاً ما كان أبوك ليأخذ به، فتركه وانصرف مستحيياً نادماً، فاستقبله القوم على باب الصفة فردهم طويلاً حتى غلبوه فدخلوا، وخرج محمد راجعاً‏.‏
فأتاه رجل بيده جريدة يقدمهم حتى قام على عثمان فضرب بها رأسه فشجه، فقطر دمه على المصحف حتى لطخه، ثم تعاوروا عليه، فأتاه رجل فضربه على الثدي بالسيف‏.‏
ووثبت نائلة بنت الفرافصة الكلبية فصاحت وألقت نفسها عليه وقالت‏:‏ يا بنت شيبة، أيقتل أمير المؤمنين ‏؟‏
وأخذت السيف فقطع الرجل يدها، وانتهبوا متاع الدار‏.‏
ومر رجل على عثمان ورأسه مع المصحف فضرب رأسه برجله، ونحاه عن المصحف، وقال‏:‏ ما رأيت كاليوم وجه كافر أحسن، ولا مضجع كافر أكرم‏.‏
قال‏:‏ والله ما تركوا في داره شيئاً حتى الأقداح إلا ذهبوا به‏.‏
وروى الحافظ ابن عساكر‏:‏ أن عثمان لما عزم على أهل الدار في الانصراف ولم يبق عنده سوى أهله، تسوروا عليه الدار، وأحرقوا الباب، ودخلوا عليه، وليس فيهم أحد من الصحابة ولا أبنائهم، إلا محمد بن أبي بكر، وسبقه بعضهم فضربوه حتى غشي عليه، وصاح النسوة‏:‏ فانزعروا، وخرجوا‏.‏
ودخل محمد بن أبي بكر وهو يظن أنه قد قتل، فلما رآه قد أفاق قال‏:‏ على أي دين أنت يا نعثل ‏؟‏‏.‏
قال‏:‏ على دين الإسلام، ولست بنعثل ولكني أمير المؤمنين‏.‏
فقال‏:‏ غيرت كتاب الله ‏؟‏‏.‏
فقال‏:‏ كتاب الله بيني وبينكم، فتقدم إليه وأخذ بلحيته وقال‏:‏ إنا لا يقبل منا يوم القيامة أن نقول‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا‏}‏‏[‏الأحزاب‏:‏ 67‏]‏، وشطحه بيده من البيت إلى باب الدار، وهو يقول‏:‏ يا ابن أخي، ما كان أبوك ليأخذ بلحيتي‏.‏
وجاء رجل من كندة من أهل مصر يلقب‏:‏ حماراً، ويكنى‏:‏ بأبي رومان‏.‏
وقال قتادة‏:‏ اسمه رومان‏.‏
وقال غيره‏:‏ كان أزرق أشقر‏.‏
وقيل‏:‏ كان اسمه سودان بن رومان المرادي‏.‏
وعن ابن عمر قال‏:‏ كان اسم الذي قتل عثمان أسود بن حمران ضربه بحربة وبيده السيف صلتاً‏.‏
قال‏:‏ ثم جاء فضربه به في صدره حتى أقعصه، ثم وضع ذباب السيف في بطنه، واتكى عليه وتحامل حتى قتله، وقامت نائلة دونه فقطع السيف أصابعها رضي الله عنها‏.‏
ويروى‏:‏ أن محمد بن أبي بكر طعنه بمشاقص في أذنه حتى دخلت حلقه‏.‏
والصحيح‏:‏ أن الذي فعل ذلك غيره، وأنه استحى ورجع حين قال له عثمان‏:‏ لقد أخذت بلحية كان أبوك يكرمها، فتذمم من ذلك وغطى وجهه ورجع وحاجز دونه فلم يفد، وكان أمر الله قدراً مقدوراً، وكان ذلك في الكتاب مسطوراً‏.‏
وروى ابن عساكر، عن ابن عون‏:‏ أن كنانة بن بشر ضرب جبينه ومقدم رأسه بعمود حديد، فخر لجنبيه، وضربه سودان بن حمران المرادي بعد ما خر لجنبه فقتله، وأما عمرو بن الحمق فوثب على عثمان فجلس على صدره، وبه رمق، فطعنه تسع طعنات، وقال‏:‏ أما ثلاث منهن فلله، وست لما كان في صدري عليه‏.‏ 
و للحديث بقية

0 التعليقات:

دورة فن التفاوض


0 التعليقات:

دورة مهارات الإتصال الفعال | أكاديمية الدارين


0 التعليقات:

امسية الانطباع الاول وكيفية بناء العلاقات


0 التعليقات:

كورس HR الموارد البشرية



0 التعليقات:

دورة كيف تقول لا (محاضرتين )


0 التعليقات:

دورة أصنع مستقبلك


0 التعليقات:

مقتطفات من الحضارات الإسلامية






read more →

0 التعليقات:

دورة أكتشف شخصيتك (كيفية بناء الشخصية)


0 التعليقات:

زمن الفتن ( الفتنة الاولي ج 2)

 

ثورة المصريون الاولي علي عثمان بن عفان

كره أهل مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح بعد عمرو بن العاص، واشتغل عبد الله بن سعد عنهم بقتال أهل المغرب، وفتحه بلاد البربر والأندلس وإفريقية‏.‏
و طبقا لرواية الزهري عن سعيد بن المسيب أن أهل مصر جأوا يشكون من عبد الله بن سعد بن ابي السرح , فكتب عثمان خطابا فيه تهديد لإبن أبي السرح , فأبي ابن أبي السرح أن يقبل ما نهاه عنه عثمان , بل و ضرب بعض من أتاه من قبل عثمان من اهل مصر فقتله!!...
و ظهرت بمصر طائفة من أبناء الصحابة يؤلبون الناس على حربه، والإنكار عليه، علي رأسهم محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة حتى استنفرا نحواً من ستمائة راكب، يذهبون إلى المدينة في صفة معتمرين في شهر رجب، لينكروا على عثمان، فساروا إليها تحت أربع رفاق‏ هم عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وعبد الرحمن بن عديس البلوي، وكنانة بن بشر التيجي، وسودان بن حمران السكوني‏.‏
وأقبل معهم محمد بن أبي بكر، وأقام بمصر محمد بن أبي حذيفة يؤلب الناس ويدافع عن هؤلاء، 
وكتب عبد الله بن سعد بن أبي سرح إلى عثمان يعلمه بقدوم هؤلاء القوم إلى المدينة منكرين عليه في صفة المعتمرين‏.
فنزل الثوار المسجد و شكوا إلي الصحابة في مواقيت الصلاة ما صنع ابن أبي السرح بهم 
فقام طلحة بن عبيد الله فكلم عثمان بكلام شديد
و أرسلت أم المؤمنين عائشة إليه فقالت: تقدم إليك أصحاب محمد عليه الصلاة و السلام و سألوك عزل هذا الرجل فابيت؟!. فهذا قد قتل منهم رجلا فأنصفهم من عاملك (تقصد عبد الله بن أبي السرح)
و دخل عليه علي بن أبي طالب فقال: إنما يسألونك رجلا مكان رجلا, و قد ادعوا قبله دما, فاعزله عنهم و اقض بينهم فإن وجب عليه حق فأنصفهم منه
فأمر عثمان علي بن أبي طالب أن يخرج إليهم ليردهم إلى بلادهم قبل أن يدخلوا المدينة‏.‏
وخرج معه جماعة الأشراف وأمره أن يأخذ معه عمار بن ياسر‏.‏
فقال علي لعمار، فأبى عمار أن يخرج معه، فبعث عثمان سعد بن أبي وقاص أن يذهب إلى عمار ليحرضه على الخروج مع علي إليهم، فأبى عمار كل الإباء وامتنع أشد الامتناع،وذلك بسبب شتمه عباس بن عتبة بن أبي لهب فأدبهما عثمان فتأمر عمار عليه لذلك، وجعل يحرّض الناس عليه، فنهاه سعد بن أبي وقاص عن ذلك ولامه عليه، فلم يقلع عنه، ولم يرجع ولم ينزع، 

مناظرة الامام علي بن ابي طالب للثوار في حق أمير المؤمنين عثمان بن عفان 

انطلق علي بن أبي طالب إليهم، وهم بالجُحفة، وكانوا يعظمونه ويبالغون في أمره فردهم، وانبهم وشتمهم، فرجعوا على أنفسهم بالملامة‏.‏
قال علي بن ابي طالب ‏:‏ أنه ناظرهم في عثمان، وسألهم ماذا ينقمون عليه،
فذكروا أشياء‏.‏منها‏:‏
1) أنه حمى الحمى،
2) أنه حرق المصاحف، 
3) أنه أتم الصلاة بمكه
4) أنه أولى الأحداث الولايات، وترك الصحابة الأكابر،
5) أعطى بني أمية أكثر من الناس‏.‏
فأجاب علي عن ذلك، 
1) أما الحمى فإنما حماه لا بل الصدقة لتسمن، ولم يحمه لإبله ولا لغنمه، وقد حماه عمر من قبله‏.‏
2) أما المصاحف فإنما حرق ما وقع فيه اختلاف، وأبقى لهم المتفق عليه، 
3) أما إتمامه الصلاة بمكة فإنه كان قد تأهل بها ونوى الإقامة فأتمها‏.‏
4) أما توليته الأحداث فلم يول إلا رجلاً سوياً عدلاً، وقد ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد على مكة، وهو ابن عشرين سنة، وولى أسامة بن زيد بن حارثة‏.‏وطعن الناس في أمارته فقال‏:‏ إنه لخليق بالإمارة
5) أما إيثاره قومه بني أمية، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤثر قريشاً على الناس، ووالله لو أن مفتاح الجنة بيدي لأدخلت بني أمية إليها‏.‏
ويقال‏:‏ أنهم عتبوا عليه في عمار، ومحمد بن أبي بكر فذكر عثمان عذره في ذلك، وأنه أقام فيهما ما كان يجب عليهما‏.‏
وعتبوا عليه في إيوائه الحكم بن أبي العاص وقد نفاه إليها، قال‏:‏ فقد نفاه رسول الله صلى إلى الطائف، فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد نفاه إلى الطائف، ثم رده، ثم نفاه إليها‏.‏
قال‏:‏ فقد نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رده، ورُوي أن عثمان خطب الناس بهذا كله بمحضر الله عليه وسلم من الصحابة، وجعل يستشهد بهم فيشهدون له فيما فيه شهادة له‏.‏

حوار علي بن ابي طالب مع عثمان بن عفان 

 ورجع علي إلى عثمان فأخبره برجوعهم عنه وسماعهم منه‏.‏
و طبقا لرواية الواقدي , إن علياً جاء عثمان بعد انصراف المصريين، فقال له‏:‏ تكلم كلاماً تسمعه الناس منكم، ويشهدون عليك، ويشهد الله على ما في قلبك من النزوع والإنابة، فإن البلاد قد تمخضت عليك، ولا آمن رِكْباً آخرين يقدمون من قبل الكوفة، فتقول‏:‏ يا علي اركب إليهم، ويقدم آخرون من البصرة، فتقول‏:‏ يا علي اركب إليهم، فإن لم أفعل قطعت رحمك، واستخففت بحقك‏.‏
وأشار على عثمان أن يخطب الناس خطبة يعتذر إليهم فيها مما وقع من الأثرة لبعض أقاربه، ويشهدهم عليه بأنه تاب من ذلك، وأناب إلى الاستمرار على ما كان عليه من سيرة الشيخين قبله، وأنه لا يحيد عنها كما كان الأمر أولاً في مدة ست سنين الأول‏.‏
فاستمع عثمان هذه النصيحة، وقابلها بالسمع والطاعة،

خطبة عثمان بن عفان

 ولما كان يوم الجمعة فخرج عثمان فخطب الخطبة التي نزع فيها، وأعلم الناس من نفسه التوبة، فقام فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله‏.‏
ثم قال‏:‏ أما بعد، أيها الناس، فوالله ما عاب من عاب شيئاً أجهله، وما جئت شيئاً إلا وأنا أعرفه، ولكن ضل رشدي، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏من زل فليتب، ومن أخطأ فليتب، ولا يتمادى في الهلكة، إن من تمادى في الجور كان أبعد عن الطريق‏)‏‏)‏‏.‏ ‏
فأنا أول اتعظ استغفر الله مما فعلت، وأتوب فمثلي نزع وتاب، فإذا نزلت فليأتني أشرافكم، فوالله لأكونن كالمرقوق إن مُلك صبر، وإن عُتق شكر، وما عن الله مذهب إلا إليه‏.‏
‏فرق الناس له، وبكى من بكى‏.‏
وقام إليه سعيد بن زيد، فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ ألله الله في نفسك‏!‏ فأتمم على ما قلت‏.‏ وأشهد عثمان الناس على نفسه بذلك، وأنه قد لزم ما كان عليه الشيخان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وأنه قد سبل بابه لمن أراد الدخول عليه لا يمنع أحد من ذلك، ونزل فصلى بالناس‏.‏ ثم دخل منزله، وجعل من أراد الدخول على أمير المؤمنين لحاجة أو مسألة أو سؤال لا يمنع أحد من ذلك مدة‏.‏

مصير الثوار و رد فعلهم

ويروى‏ أن الثوار بعثوا طائفة منهم فشهدوا خطبة عثمان هذه، فلما تمهدت الأعذار، وانزاحت عللهم ولم يبق لهم شبهة، أشار جماعة من الصحابة على عثمان بتأديبهم، فصفح عنهم رضي الله عنه‏.‏وردهم إلى قومهم فرجعوا خائبين من حيث أتوا، ولم ينالوا شيئاً مما كانوا أملوا وراموا 
و في رواية سعيد بن المسيب أن عثمان اجتمع بهم فقال لهم : اختاروا رجلا أوليه عليكم مكان عبد الله بن أبي السرح , فاشار الناس عليه بمحمد بن أبي بكر 
فكتب عهده و ولاه و خرج معهم عدد من المهاجرين و الأنصار ينظرون فيما بين أهل مصر و ابن أبي السرح

مروان بن الحكم يشعل الفتنة 

فلما انصرف عثمان إلى منزله وجد به جماعة من أكابر الناس، وجاءه مروان بن الحكم فقال‏:‏ أتكلم يا أمير المؤمنين، أم أصمت ‏؟‏‏.‏
فقالت زوجة عثمان - نائلة بنت الفرافصة الكلبية - من وراء الحجاب‏:‏ بل اصمت، فوالله إنهم لقاتلوه، ولقد قال مقالة لا ينبغي النزوع عنها‏.‏
فقال لها‏:‏ وما أنت وذاك‏!‏ ‏؟‏فوالله لقد مات أبوك وما يحسن أن يتوضأ‏.‏
فقالت له‏:‏ دع ذكر الآباء، ونالت من أبيه الحكم، فأعرض عنها مروان، وقال لعثمان‏:‏ يا أمير المؤمنين أتكلم أم أصمت ‏؟‏‏.‏
فقال له عثمان‏:‏ بل تكلم‏.‏
فقال مروان‏:‏ بأبي أنت وأمي، لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت مُمنع منيع، فكنت أول من رضي بها، وأعان عليها، ولكنك قلت ما قلت حين جاوز الحزام الطبيين، وبلغ السيل الزبا، وحين أعطى الخطة الذليلة الذليل‏.‏والله لإقامة على خطيئة يستغفر منها خير من توبة خوف عليها، وإنك لو شئت لعزمت التوبة، ولم تقرر لنا بالخطيئة، وقد اجتمع إليك على الباب مثل الجبال من الناس‏.‏
فقال عثمان‏:‏ قم فاخرج إليهم فكلمهم، فإني استحي أن أكلمهم‏.‏
قال‏:‏ فخرج مروان إلى الباب والناس يركب بعضهم بعضاً‏.‏
فقال‏:‏ ما شأنكم كأنكم قد جئتم لنهبٍ، شاهت الوجوه، كل إنسان آخذ بأذن صاحبه، ألا من أريد جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا، اخرجوا عنا أما والله لئن رمتمونا ليمرن عليكم أمر يسؤكم ولا تحمدوا غبه، ارجعوا إلى منازلكم، فوالله ما نحن مغلوبين على ما بأيدينا‏.‏

غضب علي بن ابي طالب من عثمان بن عفان

فرجع الناس، وخرج بعضهم حتى أتى علياً فأخبره الخبر، فجاء علي مغضباً حتى دخل على عثمان‏.‏
فقال‏ علي :‏ أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلا بتحويلك عن دينك وعقلك ‏؟‏‏!‏ وإن مثلك مثل جمل الظعينة سار حيث يسار به، والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه، وأيم والله إني لأراه سيوردك، ثم لا يصدرك، وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك، أذهبت سوقك، وغلبت أمرك‏.‏
فلما خرج علي، دخلت نائلة على عثمان فقالت‏:‏ أتكلم أو أسكت ‏؟‏‏.‏
فقال‏:‏ تكلمي‏.‏
فقالت‏:‏ سمعت قول علي إنه ليس يعاودك، وقد أطعت مروان حيث شاء‏.‏
قال‏:‏ فما أصنع ‏؟‏‏.‏
قالت‏:‏ تتقي الله وحده لا شريك له، وتتبع سنة صاحبيك من قبلك، فإنك متى أطعت مروان قتلك، ومروان ليس له عند الله قدر ولا هيبة ولا محبة، فأرسل إلى علي فاستصلحه فإن له قرابة منك، وهو لا يُعصى‏.
قال‏:‏ فأرسل عثمان إلى علي فأبى أن يأتيه، وقال‏:‏ لقد أعلمته أني لست بعائد‏.‏
قال‏:‏ وبلغ مروان قول نائلة فيه، فجاء إلى عثمان فقال‏:‏ أتكلم أو أسكت ‏؟‏‏.‏
فقال‏:‏ تكلم‏.‏
فقال‏:‏ إن نائلة بنت الفرافصة‏.‏
فقال عثمان‏:‏ لا تذكرها بحرف فأسوء إلى وجهك، فهي والله أنصح لي منك‏.‏
قال‏:‏ فكف مروان‏.‏

و للحديث بقية 


0 التعليقات:

زمن الفتن (الفتنة الأولي ج 1)


تمهيد

اليوم الجمعة الثامن عشر من ذي الحجة سنة 35 هجرية
الامير مصاب في داره و اصحابه لزموا بيوتهم 
الغضب متصاعد
الحصار مستمر لمدة أكثر من شهر
الثوار يصرخون ..ينادون يتشددون في مطالبهم لدرجة ان يعزل الامير نفسه أو تسليم ابن عمه لهم.
الغضب يتصاعد أكثر..
الدماء تغلي في العروق أكثر فأكثر..
و النتيجة ؟..
قتلوا أمير المؤمنين عثمان بن عفان في داره!!..
 نعم كانت فتنة أولي..
لكنها فتحت الباب أمام الفتنة الكبري 

مقدمة الفتنة الاولي في الاسلام

قال سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان: قتل عثمان مظلوما و من قتله كان ظالما و من خذله كان معذورا!!...
تولي عثمان بن عفان رضي الله عنه ولاية المسلمين 12 عام منهم 6 سنوات لا ينقم الناس عليه بل كان مقربا و محبوبا اكثر لقريش من عمر بن الخطاب لأن عمر كان شديدا عليهم بينما عثمان لان لهم و وصلهم , لكن تواني بعد ذلك في امرهم  و استعمل أهل بيته و اقاربه من بني أمية في الستة الاواخر من فتره حكمه , لكن امرائه كان يفعلون أشياء ينكرها أصحاب الرسول عليه الصلاة و السلام , و كان عثمان يستعتب فيهم فلا يعزلهم!!..
عثمان بن عفان رضي الله عنه كانت مشكلته أنه لجأ لأهل الثقة و فضلهم علي اهل الكفاءة عكس ما كان يفعل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه 
مشكلة لم يهتم بها عثمان بن عفان كثيرا و ربما حاول معالجتها بكياسته المعهودة لكنها للأسف ادت في النهاية الي مقتله 

بداية الفتنة

سنة 34 هجرية 
تكاتب المنحرفون عن طاعة عثمان بن عفان أمير المؤمنين و كان جمهورهم من أهل الكوفة و قد ثاروا علي سعيد بن العاص امير الكوفة و نالوا منه و من عثمان , و بعثوا إلي عثمان من يناظره فيما فعل و فيما اعتمد علي عزل كثير من الصحابة و تولية جماعة من بني أمية من أقرابه و أغلظوا له في القول و طالبوا منه أن يعزل عماله و يستبدل أئمة غيرهم من السابقين و من الصحابة , حتي صعب ذلك علي أمير المؤمنين فطلب مشوره أمراء الاجناد فكان رأيهم كالتالي:
عبد الله بن عامر أمير البصرة : أشار أن يشغلهم بالغزو و الحروب حتي يتفرقوا فيما ينفع
سعيد بن العاص أمير الكوفة: أشار بأن يقتلهم
معاوية بن أبي سفيان أمير الشام : أشار أن لا يلتفت الي هولاء لانهم أقل و اضعف جندا
عبد الله بن سعد بن أبي السرح أمير المغرب : أشار بأن يعطيهم المال ما يكف به شرهم
أما عمرو بن العاص أمير مصرفقال : أما بعد يا عثمان فإنك قد ركبت الناس ما يكرهون فأما أن تعزل عنهم ما يكرهون , و إما أن تقدم فتنزل عمالك علي ما هم عليه, و قال كلاما فيه غلظة ثم اعتذر اليه في السر
قرر عثمان أن يالف قلوب أولئك بالمال و أمر بأن يبعثوا الي الغزو الي الحدود
لكن عند عودة سعيد بن العاص الي الكوفة رفض أهل الكوفة دخوله المدينة و لبسوا السلاح و حلفوا أن لا يمكنوه من دخول الكوفة حتي يعزله عثمان و يولي عليهم أبا موسي الاشعري (والي البصرة سابقا الذي عزله عثمان سنة 29 هجرية) فكانت ان النتيجة ان رجع سعيد بن العاص الي المدينة و كسر الفتنة وتم تولية أبا موسي الاشعري ولاية الكوفة 
معني هذا أن عثمان بن عفان وافق علي رأي الثوار في النهاية في عزل سعيد بن العاص علي الرغم من أنها لم تكن رغبته 

حوار عثمان بن عفان و علي بن ابي طالب حول الفتنة 

كلم الناس علي بن أبي طالب أن يدخل على عثمان فدخل عليه..
فقال علي‏:‏ إن الناس ورائي، وقد كلموني فيك، ووالله ما أدري ما أقول لك، وما أعرف شيئاً تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه، إنك لتعلم ما نعلم، ما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه، ولا خلونا بشيء فنبلغكه، وما خصصنا بأمور خفي عنك إدراكها، وقد رأيت وسمعت وصحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونلت صهره، وما ابن أبي قحافة بأولى بعمل الحق منك، ولا ابن الخطاب بأولى بشيء من الخير منك، وإنك أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رحماً، ولقد نلت من صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم ينالا، ولا سبقاك إلى شيء، فالله الله في نفسك، فإنك والله ما تبصر من عمي، ولا تعلم من جهل‏.‏ وإن الطريق لواضح بين، وإن أعلام الدين لقائمة، تعلم يا عثمان أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل، هدي وهدى، فأقام سنة معلومة، وأمات بدعة معلومة، فوالله إن كلاً لبين، وإن السنن لقائمة لها أعلام، وإن البدع لقائمة لها أعلام، وإن شر الناس عند الله إمام جائر ضل وأضل به، فأمات سنة معلومة، وأحيا بدعة متروكة، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏‏(‏يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر، وليس معه نصير ولا عاذر فيلقى في جهنم فيدور فيها كما تدور الرحا، ثم يرتطم في غمرة جهنم‏)‏‏)‏‏.‏

وإني أحذرك الله، وأحذرك سطوته ونقمته، فإن عذابه أليم شديد، واحذر أن تكون إمام هذه الأمة المقتول، فإنه كان يقال‏:‏ يقتل في هذه الأمة إمام فيفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة، وتلبس أمورها عليها، ويتركون شيعاً لا يبصرون الحق من الباطل، يموجون فيها موجاً، ويمرحون فيها مرحاً‏.‏
فقال عثمان‏:‏ قد والله علمت لتقولن الذي قلت، أما والله لو كنت مكاني ما عنفتك، ولا أسلمتك، ولا عبت عليك، ولا جئت منكراً، إني وصلت رحماً، وسددت خلة، وآويت ضائعاً، ووليت شبيهاً بمن كان عمر يولي، أنشدك الله يا علي، هل تعلم أن المغيرة بن شعبة ليس هناك‏؟‏
قال علي‏:‏ نعم‏!‏
قال عثمان ‏:‏ فتعلم أن عمر ولاه‏؟‏
قال علي ‏:‏ نعم‏!‏
قالعثمان ‏:‏ فلم تلوموني أن وليت ابن عامر في رحمه وقرابته ‏؟‏‏.‏
فقال علي‏:‏ سأخبرك أن عمر كان كلما ولى أميراً فإنما يطأ على صماخيه‏؟‏ وأنه إن بلغه حرف جاء به، ثم بلغ به أقصى الغاية في العقوبة، وأنت لا تفعل ضعفت ورفقت على أقربائك‏.‏
فقال عثمان‏:‏ هم أقرباؤك أيضاً‏.‏
فقال علي‏:‏ لعمري إن رحمهم مني لقريبة، ولكن الفضل في غيرهم‏.‏
قال عثمان‏:‏ هل تعلم أن عمر ولى معاوية خلافته كلها، فقد وليته‏.‏
فقال علي‏:‏ أنشدك الله، هل تعلم أن معاوية كان أخوف من عمر من يرفأ غلام عمر منه‏؟‏
قال‏ عثمان :‏ نعم‏!‏
قال علي‏:‏ فإن معاوية يقطع الأمور دونك، وأنت تعلمها، ويقول للناس‏:‏ هذا أمر عثمان، فليبلغك فلا تنكر ولا تغير على معاوية‏
ثم خرج علي من عنده 
كانت وجهة نظر عثمان بن عفان واضحة انه كان يولي ولاة ليسوا اقل كفاءة من ولاة عمر بن الخطاب, لكن الامام علي أشار اليه ان ولاته ليسوا تحت سيطرته مثلما كان الحال مع الفاروق عمر 

خطبة عثمان بن عفان في الناس:

قال عثمان‏:‏ ألا فقد والله عبتم علي بما أقررتم به لابن الخطاب، ولكنه وطئكم برجله، وضربكم بيده، وقمعكم بلسانه، فدنتم له على ما أحببتم أو كرهتم، ولنت لكم وأوطأت لكم كتفي، وكففت يدي ولساني عنكم، فاجترأتم علي‏.‏

أما والله لأنا أعز نفراً وأقرب ناصراً وأكثر عدداً، وأقمن أن قلت هلم إلي، ولقد أعددت لكم أقرانكم، وأفضلت عليكم فضولاً، وكشرت لكم عن نابي، فأخرجتم مني خلقاً لم أكن أحسنه، ومنطقاً لم أنطق به، فكفوا ألسنتكم وطعنكم، وعيبكم على ولاتكم فإني قد كففت عنكم من لو كان هو الذي يليكم لرضيتم منه دون منطقي هذا، ألا فما تفقدون من حقكم‏؟‏ فوالله ما قصرت في بلوغ ما كان يبلغ من كان قبلي‏.‏
ثم اعتذر عما كان يعطي أقرباءه بأنه من فضل ماله‏.‏
فقام مروان بن الحكم فقال‏:‏ إن شئتم والله حكمنا بيننا وبينكم السيف، نحن والله وأنتم، كما قال الشاعر‏:‏
فرشنا لكم أعراضنا فنبت بكم * مغارسكم تبنون في دِمِنِ الثرى
فقال عثمان‏:‏ اسكت لا سكت، دعني وأصحابي ما منطقك في هذا، ألم أتقدم إليك أن لا تنطق‏.‏
فسكت مروان ونزل عثمان رضي الله عنه‏.‏

عرض معاوية بن ابي سفيان لعثمان بن عفان:

أن معاوية لما ودعه عثمان حين عزم على الخروج إلى الشام عرض عليه أن يرحل معه إلى الشام فإنهم قوم كثيرة طاعتهم للأمراء‏.‏
فقال‏ عثمان :‏ لا أختار بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم سواه‏.
فقال معاوية ‏:‏ أجهز لك جيشاً من الشام يكونون عندك ينصرونك ‏؟‏‏.‏
فقال‏ عثمان :‏ إني أخشى أن أضيق بهم بلد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه من المهاجرين والأنصار‏.‏
قال معاوية‏:‏ فوالله يا أمير المؤمنين لتغتالن - أو قال‏:‏ لتغزين -‏.‏
فقال عثمان‏:‏ حسبي الله ونعم الوكيل‏.‏
ثم خرج معاوية من عنده وهو متقلد السيف وقوسه في يده، فمر على ملأ من المهاجرين والأنصار فيهم علي بن أبي طالب، وطلحة، والزبير، فوقف عليهم واتكأ على قوسه، وتكلم بكلام بليغ يشتمل على الوصاة بعثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، والتحذير من إسلامه إلى أعدائه، ثم انصرف ذاهباً‏.‏
فقال الزبير‏:‏ ما رأيت أهيب في عيني من يومه هذا‏.‏

عزل عمرو بن العاص عن ولاية مصر

وكان سبب ذلك‏:‏ أن الخوارج من المصريين كانوا محصورين من عمرو بن العاص، مقهورين معه لا يستطيعون أن يتكلموا بسوء في خليفة ولا أمير، فما زالوا حتى شكوه إلى عثمان لينزعه عنهم، ويولي عليهم من هو ألين منه‏.‏
فلم يزل ذلك دأبهم حتى عزل عمراً عن الحرب، وتركه على الصلاة، وولى على الحرب والخراج عبد الله بن سعد بن أبي سرح‏.‏
ثم سعوا فيما بينهما بالنميمة فوقع بينهما، حتى كان بينهما كلام قبيح‏.‏ فأرسل عثمان فجمع لابن أبي سرح جميع عمالة مصر، خراجها وحربها وصلاتها‏.‏
 وبعث إلى عمرو يقول له‏:‏ لا خير لك في المقام عند من يكرهك، فأقدم إليّ، فانتقل عمرو بن العاص إلى المدينة وفي نفسه من عثمان أمرٌ عظيم وشرٌ كبير، فكلمه فيما كان من أمره بنفس، وتقاولا في ذلك، وافتخر عمرو بن العاص بأبيه على عثمان، وأنه كان أعز منه‏.‏
 فقال له عثمان‏:‏ دع هذا، فإنه من أمر الجاهلية‏.‏
وجعل عمرو بن العاص يؤلب الناس على عثمان‏.‏
وكان بمصر جماعة يبغضون عثمان ويتكلمون فيه بكلام قبيح على ما قدمنا، وينقمون عليه في عزله جماعة من عِلية الصحابة، وتوليته من دونهم، أو من لا يصلح عندهم للولاية‏.‏
و للحديث بقية



0 التعليقات: